آراء وكتاب

( علياء ) … وطيف جده… بقلم: غاده المعايطه

الوصلة نيوز _

( علياء ) … وطيف جده

عرفتك والروح تلملم أشتاتها في مجالس الذكر، وخريف العمر يأمل بشتاء دافئ قرب كانون جدتي العتيق. وشاء حسن الطالع أن أرى، من خلالك، طيف ماض جميل استنشق فيه عبير الثرى الطيب، والشيح، والقيصوم، وسراج جدتي يتوهج بشعاع دافق من المحبة والحنان، والرضى بما كتب العليم الخبير. هذه قصة علياء…..

لا تفتأ علياء تهدهد جديلة جدتها. هي كنزها الثمين وحرزها الأمين. هي نور يستضاء به عندما يغشى الروح القنوط وتشكو العين السهاد. …..تناجي علياء الجديلة التي لطالما اغتسلت بشمس سلواد والعيزرية، وتخضبت بحناء باب العمود، وتعطرت بمسك من أسواق ال قدس العتيقة.

تطل علياء عبر نافذتها وتلقي تحية الصباح على تلك المخلوقات الصغيرة التي الفتها واعتادت عليها .. طيور اليفة … طقس اعتادته الجدة في ملاذها الآمن.
وتتعانق الأرواح، فهناك ثوب جدتها الموشى بأشكال السروة، والمكحلة، وزهرة المندوب. هي تزينت ليوم جديد، وطيورها الحبيبة بالانتظار، واليد الحانية تطعم الحَب والحُب.

وفي طقوس إلهية تهرع إلى علياء وتشدو معها ترانيم شكر للواحد الأحد. وفي ظلال التين والكرمة تنعم بحكايا جدتها وهي تقطف الزعتر والجعدة في أماسي طيبة ، بينما يشدو أطفال الحي:

اشتي وزيدي == بيتنا حديدي
عمنا عبد الله == رزقنا على الله

يصرخ الوليد، وتبكي زيتونات عمي والمنجل، وتتحول الضفيرة إلى خطوط كتب عليها الزمان مأساة شعب، ويبكي يحيى غرب النهر، ويبكي جدي مواسم الفرح في يافا والرملة والخليل.

تغفو علياء. يوقظها ديكة الجدة: الله أكبر. أشرق الصباح والشمس بالانتظار. وتبتسم الضفيرة. وتخضب علياء يديها بحناء العودة. تتعطر بمسك وعنبر من باب المغاربة. وتشدو مع ندى الربيع:

جانا من تلا يافا == أحلى نسمة بحرية
جانا من شجر عكا == هبة هوا ندية
الله يحمي هل قدس == هلمحروسة الزكية
ما يوم إلا قبالو يوم == وبعد العتمة صبحية

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى