ما هو يوديد البوتاسيوم ودوره في الوقاية من الإشعاعات النووية؟

الوصلة نيوز – في خضمّ الحرب الإيرانية–الإسرائيلية وتصاعد المخاوف من احتمال استخدام أسلحة نووية أو تسرب مواد مشعّة، يبرز يوديد البوتاسيوم (Potassium Iodide، أو KI) كدورٍ وقائي بسيط لكنه فعّال لحماية الغدة الدرقية من آثار اليود المشع.
ويشتقّ هذا المركّب غير العضوي من البوتاسيوم واليود، ويقدّم مصدراً لليود المستقر غير المشع، ما يجعله أداةً طارئةً مهمة في حالات الحوادث أو الانفجارات النووية.
ما هو يوديد البوتاسيوم؟
يوديد البوتاسيوم هو ملح غير مشعّ لليود متوفر في هيئة أقراص فموية أو محلول سائل يسهّل إعطاء الجرعات بحسب الفئات العمرية. تحتوي الأقراص القياسية على 130 ملغ من اليوديد (للراشدين والحوامل والمرضعات) أو 65 ملغ (نصف الجرعة للأطفال)، أما المحلول فيُقدّم بتركيز 65 ملغ/مل، ما يسمح بقياس دقيق للجرعات الصغيرة للرضع. توفره السلطات الصحيّة العالمية—بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية—مجاناً أو بدونه وصفة طبية في خطط الطوارئ النووية حول المحطات الذرية.
يتميّز يوديد البوتاسيوم بأنه دواء بسيط وغير مكلف ومتاح بدون وصفة طبية في كثير من الدول، حيث تعتبره الهيئات الصحية دواءً آمنًا للاستخدام في حالات الطوارئ النووية عند الحاجة.
إن أهمية يوديد البوتاسيوم في سياق الإشعاع النووي نابعة من كونه مصدرًا لليود “الطبيعي” المستقر. فعند حدوث طارئ نووي قد ينتج عنه انتشار نظائر اليود المشعة (مثل النظير المشع أيودين-131)، يعمل تناول يوديد البوتاسيوم على تزويد الجسم بكمية وفيرة من اليود غير المشع.
هذا الأمر له أثر وقائي خاص سنشرحه في النقاط اللاحقة. من المهم التنبيه إلى أن أقراص يوديد البوتاسيوم تُعرف أحيانًا خطأً باسم “حبوب مضادة للإشعاع”، لكنها ليست ترياقًا عامًا ضد الإشعاع النووي، بل عملها محدود.
كيف يعمل يوديد البوتاسيوم في الجسم لمكافحة تأثيرات الإشعاع النووي؟
آلية عمل يوديد البوتاسيوم مرتبطة بشكل أساسي بوظيفة الغدة الدرقية في جسم الإنسان. الغدة الدرقية تحتاج إلى عنصر اليود لإنتاج هرموناتها الضرورية لتنظيم عمليات الأيض والنمو. وهي قادرة على امتصاص اليود من مجرى الدم وتخزينه.
عند حدوث تسرب إشعاعي نووي (مثل انفجار في محطة طاقة نووية أو سلاح نووي)، قد ينتشر في البيئة نظير اليود المشع مثل I-131). يدخل اليود المشع جسم الإنسان عن طريق استنشاق الهواء الملوث أو تناول أطعمة ومياه ملوثة، ويتركز في الغدة الدرقية تمامًا كما يفعل اليود العادي.
المشكلة أن تراكم اليود المشع في الغدة الدرقية يعرضها لإشعاعات خطيرة يمكن أن تسبب تلفًا في خلاياها وترفع خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية مع مرور الوقت، لا سيما لدى الأطفال الصغار واليافعين الذين يكونون أكثر حساسية لهذه التأثيرات.
وقد لوحِظ بعد كارثة تشيرنوبل عام 1986 ارتفاع كبير في حالات سرطان الدرقية بين الأطفال بسبب تعرضهم لليود المشع عبر شرب حليب وأطعمة ملوثة آنذاك.
يعمل يوديد البوتاسيوم (KI) كإجراء وقائي عبر ما يسمى حجب الدرقية باليود. فعند تناول جرعة مناسبة من KI في الوقت المناسب، يقوم الدواء بإطلاق كمية كبيرة من اليود المستقر في مجرى الدم. هذا يؤدي إلى تشبّع (إشباع) الغدة الدرقية باليود المستقر قبل أو أثناء تعرض الجسم لليود المشع.
وبما أن الغدة الدرقية تصبح “ممتلئة” باليود غير المشع، فإنها تقلل بشكل كبير من امتصاص أي يود مشع يدخل الجسم لاحقًا؛ أي أن اليود المشع سيجد أن الغدة مشبعة باليود ولن يتمكن من التراكم فيها.
وبدلًا من ذلك، سيُطرَح اليود المشع الزائد عن حاجة الجسم خارجًا مع البول خلال أيام قليلةهذه الطريقة يحول يوديد البوتاسيوم دون تراكم النظائر المشعة الخطرة في الغدة الدرقية ويخفض كثيرًا احتمالات حدوث أضرار طويلة الأمد مثل سرطان الغدة الدرقية.
وتؤكد الدراسات أن فعالية KI في منع امتصاص اليود المشع من قبل الدرقية مثبتة بشكل جيد، وأن استخدامه الوقائي يقلل خطر الإصابة بسرطان الدرقية لدى الأفراد المعرضين لليود المشع.
جدير بالذكر أن دور يوديد البوتاسيوم وقائي ومحدود بمجال اليود المشع فقط. فهو لا يوفر حماية من أنواع الإشعاعات أو المواد المشعة الأخرى التي قد تنطلق في الحوادث النووية. كذلك، لا يحمي KI من الإشعاع الخارجي (كالأشعة الكونية أو غبار النظائر على الجلد) ولا يمنع دخول المواد المشعة إلى الجسم من الأصل، إنما يقتصر مفعوله على منع تراكم اليود المشع في الغدة الدرقية.
لذلك، لا يُعتبَر KI “مضاد إشعاع” عام، بل هو وسيلة وقائية متخصصة جدًا بحماية الغدة الدرقية فقط. في حالة حدوث كارثة إشعاعية، تبقى الإجراءات العامة مثل الإخلاء من منطقة الخطر والاحتماء في مكان مغلق ومنع تناول الأطعمة الملوثة الخط الدفاعي الأول للسلامة، بينما استخدام يوديد البوتاسيوم هو إجراء مُكمل يستهدف تقليل ضرر نوع محدد من النظائر المشعة (اليود المشع).
باختصار، يعمل يوديد البوتاسيوم من خلال تزويد الجسم بجرعة فائضة من اليود غير المشع تسبق أو ترافق تعرض الشخص لليود المشع، مما يؤدي إلى منع امتصاص الغدة الدرقية لليود المشع وتقليل الضرر الصحي الناجم عنه بشكل كبير. هذا الإجراء البسيط يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تقليل حالات سرطان الدرقية ومشاكلها عند السكان المتأثرين بتسرب إشعاعي نووي.
متى يُستخدم يوديد البوتاسيوم؟
يُستخدم يوديد البوتاسيوم في حالات الطوارئ الإشعاعية النووية فقط كإجراء وقائي لحماية الغدة الدرقية من اليود المشع. أي أنه مخصّص للاستخدام عند وقوع (أو احتمال وقوع) حادث نووي ينجم عنه انبعاث مواد مشعة في البيئة، وخاصةً نظائر اليود المشعة.
وتشمل هذه الحالات سيناريوهات مثل: حوادث محطات الطاقة النووية (على غرار ما حدث في تشيرنوبل أو فوكوشيما)، أو انفجار قنبلة نووية أو “قنبلة قذرة” تحتوي على اليود المشع، أو أي حالة طارئة يتم فيها رصد مستويات خطرة من اليود المشع في الجو أو الغذاء.
ومن المهم التأكيد أن تناول أقراص يوديد البوتاسيوم ليس إجراءً روتينيًا ولا يؤخذ كوقاية عامة مسبقة في غياب طارئ فعلي. لا ينبغي أبداً استخدام KI بشكل وقائي عشوائي قبل التعرض للإشعاع دون وجود تعليمات رسمية، لأن ذلك غير مفيد وقد يكون ضارًا. إن الجرعة الوقائية تعطى فقط عند صدور توجيهات من سلطات الصحة العامة أو الجهات المختصة بأن هناك خطراً وشيكًا أو جاريًا للتعرض لليود المشع.
وعادةً ما تقوم الجهات الحكومية أو الدفاع المدني في الدول التي تحتوي على منشآت نووية بوضع خطط طوارئ تشمل توزيع أقراص اليوديد على السكان القريبين من المحطات النووية، أو تخزينها في مراكز محددة ليتم صرفها عند الحاجة. فعلى سبيل المثال، في بعض البلدان تُوزَّع أقراص KI مسبقًا على العائلات في نطاق معين (عادة 10-20 ميلاً) حول المحطات النووية ليكونوا مستعدين. ومع ذلك، يظل القرار بتناولها مرهونًا بحدوث الحادث النووي بالفعل وتوجيه السلطات المختصة بذلك.
دواعي الاستخدام الرسمية ليوديد البوتاسيوم تعتمد على تقدير جرعة الإشعاع المحتملة التي سيتلقاها الشخص في الغدة الدرقية. بحسب إرشادات منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، تعطى جرعة KI للسكان عندما يُتوقّع أن يصل جرعة الإشعاع في الغدة الدرقية إلى مستوى قد يسبب ضررًا كبيرًا خاصة للأطفال؟
وعادة ما تكون الأولوية في إعطاء الدواء للفئات الأكثر عُرضة وحساسية: كالرضّع والأطفال الصغار والحوامل والمرضعات، لأن هذه الفئات أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدرقية إذا تعرضت لليود المشع. أما البالغون تحت سن 40 عامًا فينصح بإعطائهم الجرعة عند وجود خطر تعرض ملحوظ، في حين أن من تجاوزوا سن 40 لا يُنصح بإعطائهم KI إلا في حال كان التعرض لمستويات عالية جدًا من الإشعاع، لأن مخاطر الآثار الجانبية تزيد في كبار السن بينما يقل احتمال إصابتهم بسرطان الدرقية مقارنةً بصغار السن.
ولا يُستخدم يوديد البوتاسيوم إلا عند حدوث طارئ نووي مع وجود خطر التعرض لليود المشع. في تلك الحالة، يكون دوره جزءًا من استراتيجية الطوارئ الشاملة (إخلاء، اختباء، منع استهلاك أطعمة ملوثة) لحماية السكان.
وتأخذ السلطات بعين الاعتبار عدة عوامل لإعطاء التوصية بتناول KI، منها شدة الحادث النووي، كمية اليود المشع المتوقع انبعاثها، الظروف الجوية وانتشار السحابة المشعة، والفئات العمرية للسكان في المناطق المهددة. وعند صدور تنبيه لاستخدام أقراص اليود، يجب على الجمهور الالتزام بدقة بالتعليمات الرسمية حول توقيت وجرعة الاستخدام لتحقيق الفائدة الوقائية القصوى.
كيفية استخدامه
الأشكال الدوائية:يتوفر يوديد البوتاسيوم في أشكال صيدلانية مصممة لتناسب الفئات العمرية المختلفة. أكثر الأشكال شيوعًا هي أقراص تؤخذ عن طريق الفم. تأتي هذه الأقراص بجرعتين قياسيتين: 130 مليغرامًا (وهي الجرعة الكاملة المخصصة للبالغين)، و65 مليغرامًا (نصف الجرعة وتُستخدم عادة للأطفال).
أما الأقراص صلبة ويمكن بلعها مباشرةً، أو طحنها وخلطها مع الماء أو العصير للأطفال الصغار لتسهيل بلعها. كما يتوفر محلول فموي سائل من يوديد البوتاسيوم بتركيز شائع هو 65 ملغ لكل 1 ملليلتر.
فيما يأتي المحلول عادةً مع قطّارة مُدرَّجة لتسهيل قياس الجرعات الصغيرة بدقة. هذا المحلول مفيد بشكل خاص للرضّع والأطفال دون سن 3 سنوات الذين قد يصعب عليهم ابتلاع الأقراص أو حتى أجزاء منها.
ولا يوجد اختلاف في الفعالية الوقائية بين الأقراص والمحلول إذا ما تم أخذ الجرعة الصحيحة؛ الاختلاف فقط في طريقة الإعطاء حسب الفئة المستهدفة. ويجدر التنويه إلى عدم محاولة استخدام مصادر يود بديلة غير مخصصة طبيًا (مثل تناول ملح الطعام المعالج باليود بكميات كبيرة) كبديل عن أقراص KI، فهذا التصرف غير فعال وخطير صحيًا.
الفئات المستهدفة، يُعطى يوديد البوتاسيوم لجميع الفئات العمرية المعرّضة لخطر اليود المشع عند وقوع الحادث النووي، لكنه بالغ الأهمية خصوصًا للأطفال والمراهقين والرضّع والحوامل والمرضعات.
وهؤلاء أكثر حساسية لتأثيرات الإشعاع على الغدة الدرقية، وبالتالي يتم إعطاؤهم KI بالأولوية وبأدنى مستوى من عتبة التعرض نظرًا لفائدته الكبيرة في حمايتهم. أما البالغون (حتى سن 40 تقريبًا) فيستفيدون أيضًا من KI ولكن يُنظر في إعطائهم عند مستوى تعرض أعلى قليلًا مقارنة بالأطفال.
ولا ينصح لمن تجاوز عمرهم 40 عامًاروتينيًا بأن يتناولوا KI إلا إذا كان التعرض الإشعاعي شديدًا جدًا (مستوى قد يؤدي لتدمير الغدة الدرقية نفسها).
والسبب هو أن احتمال إصابة من هم فوق 40 بسرطان الغدة الدرقية جرّاء الإشعاع أقل بكثير، في حين أن احتمال تأثيرات KI الجانبية على الغدة (مثل اضطرابات الوظيفة الدرقية) يكون أعلى نسبيًا في هذه الفئة. مع ذلك، إذا أوصت السلطات بذلك في ظروف خاصة فيجب أن يتناوله الجميع بدون استثناء، تبعًا للإرشادات المعلنة.
تعليمات الاستخدام والتوقيت:لتحقيق أقصى فعالية، يجب تناول جرعة يوديد البوتاسيوم في الوقت المناسب حول لحظة التعرض أو قبلها بقليل. تشير إرشادات منظمة الصحة العالمية إلى أن أفضل حماية تتحقق عند أخذ الجرعة في غضون 24 ساعة قبل التعرض المتوقع أو خلال أول ساعتين بعد بدء التعرض.
وإذا تعذّر ذلك، فإن أخذها خلال 8 ساعات من التعرض vẫn يمكن أن يوفر بعض الحماية المفيدةما بعد مرور أكثر من 24 ساعة على التعرض، فإن تناول KI لن يكون فعالًا في الوقاية لأن اليود المشع سيكون قد استقر في الغدة الدرقية بالفعل.
عادةً ما تكون جرعة واحدة من KI كافية لحماية الغدة الدرقية لمدة تقارب 24 ساعةلذلك توصي الإرشادات بأن تؤخذ جرعة واحدة يوميًا طالما استمر خطر التعرض، إلى أن تعلن السلطات زوال الخطر. لا توجد فائدة من زيادة الجرعة عن الموصى بها أو تكرارها أكثر من اللازم؛ فتناول جرعة أعلى من المطلوب أو تناول الجرعات بفواصل زمنية أقل لا يزيد الحماية بل قد يسبب أضرارًا صحية خطيرة. لذا يجب التقيد بالجرعات والإرشادات الرسمية بدقة.
في حالة استمرار التعرض لفترة طويلة أو وجود تلوث مستمر في الغذاء والماء مع صعوبة الإخلاء الفوري، قد يكون من الضروري تكرار إعطاء الجرعة يوميًا لعدة أيام.
لكن في هذه الحالات الخاصة تُراعي الفئات الحساسة بشدة: مثل الرضّع حديثي الولادة (أقل من شهر) والنساء الحوامل والمرضعات وكبار السن (تجاوز 60 عامًا).
يوصي الخبراء بعدم إعطاء هؤلاء جرعات متكررة يوميًا إلا إذا لم تتوفر أي بدائل أخرى للحماية. السبب هو أن تكرار الجرعة قد يؤدي إلى تثبيط وظيفة الغدة الدرقية لدى المواليد الجدد أو الجنين، مما قد يسبب مشاكل مثل قصور الغدة الدرقية.
لذا إن اضطرت الحامل أو الرضيع لأخذ أكثر من جرعة واحدة، فلا بد من متابعة طبية لاحقة لفحص وظائف الغدة الدرقية عند الطفل. بشكل عام، الأفضل دائمًا محاولة تنفيذ إجراءات الحماية الأخرى (كالإخلاء ومنع تناول المصادر الملوثة) لتقليل الحاجة لتناول جرعات متكررة من KI، خصوصًا لهؤلاء الفئات الضعيفة.
كيفية تناول الجرعة
تُبتلع أقراص يوديد البوتاسيوم مع كمية من الماء أو يمكن مضغها. للأطفال الذين لا يستطيعون بلع القرص، يمكن طحن القرص وخلطه مع الماء أو العصير ليشربه الطفل.
وفي حالة المحلول السائل، تُقاس الجرعة باستخدام القطارة المرفقة بدقة حسب تعليمات العبوة. من المهم جدًا التأكد من أخذ الجرعة الصحيحة المناسبة لعمر الفرد (كما سنوضح أدناه) وعدم تجاوزها.
يُنصح أيضًا بتناول الجرعة على معدة ممتلئة أو بعد الطعام إن أمكن لتقليل أي انزعاج محتمل في المعدة. وإذا كان طعم المحلول مُرًّا أو غير مستساغ للطفل، يمكن مزجه في كمية قليلة من سائل منكه (كالعصير) لتحسين الطعم، لكن دون تخفيفه بشكل مفرط لضمان تناول كامل الجرعة.
وأخيرًا، يجب الالتزام بتعليمات السلطات الصحية المحلية حرفيًا فيما يتعلق باستخدام يوديد البوتاسيوم أثناء الطوارئ.
فهم سيحددون متى تبدأ بتناول الدواء ومتى تتوقف عنه. تذكّر أن KI ليس وسيلة لمنع التعرض نفسه، بل درع محدد للغدة الدرقية، لذا يجب دائمًا اتباعه بإجراءات الوقاية العامة الأخرى وعدم الاعتماد عليه وحده.
وفي حال امتلاكك لأقراص KI في المنزل ضمن عدة الطوارئ، احرص على تخزينها في مكان بارد وجاف وفق تعليمات التخزين، وتحقق من تاريخ الصلاحية دوريًا (مع العلم أن الدراسات أشارت إلى أن الأقراص تظل مستقرة وفعالة لفترات طويلة حتى بعد تاريخ انتهاء الصلاحية الرسمي إذا خزنت بشكل مناسب، لكن يُفضل دوماً استبدالها قبل انتهاء الصلاحية المعلن لضمان الفعالية القصوى).
الجرعات المناسبة حسب الفئة العمرية
تختلف جرعة يوديد البوتاسيوم الموصى بها تبعًا لعمر الشخص (أو وزنه في بعض الحالات)، وذلك لضمان إعطاء الحد الكافي من اليود لحماية الغدة الدرقية دون إفراط.
– البالغون من 18 سنة فما فوق (حتى حوالي 40 سنة): 130 ملغ من يوديد البوتاسيوم كجرعة يومية كاملة. وهذه أيضًا جرعة النساء الحوامل والمرضعات (فهن يعاملن كالبالغين فيما يخص الجرعة). تُعادل هذه الجرعة قرصًا واحدًا بتركيز 130 ملغ (أو قرصين من عيار 65 ملغ). من تجاوز عمرهم 40 عامًا لا يُنصح عادةً بإعطائهم KI إلا إذا كانت جرعة الإشعاع المتوقعة للغدة عالية جدًا (حالات الطوارئ القصوى)؛ عندها تكون الجرعة أيضًا 130 ملغ مرة واحدة.
– اليافعون والمراهقون (من 12 إلى 18 سنة): 65 ملغ في العادة (نصف قرص البالغين). إلا إذا كان وزن المراهق يقارب وزن البالغ (أكثر من 70 كغ تقريبًا أو 150 رطلاً) فيُفضل إعطاؤه الجرعة الكاملة 130 ملغ لضمان التشبّع الكافيبشكل عام، المراهقون الأقرب جسمانيًا للبالغين يمكن أن يأخذوا جرعة البالغ عند الحاجة، أما الأصغر جسمًا فيكتفى بجرعة 65 ملغ.
– الأطفال من 3 سنوات إلى 12 سنة: 65 ملغ (جرعة واحدة يومية). وهي تعادل قرصًا بتركيز 65 ملغ، أو نصف قرص من عيار 130 ملغ.
الأطفال الرضّع أكبر من شهر واحد وحتى 3 سنوات: 32 ملغ. لا تتوفر أقراص بهذا العيار عادةً، لذا يُعطى إما نصف قرص عيار 65 ملغ (بعد طحنه وخلطه مع سائل) أو 0.5 ملليلتر من المحلول السائل بتركيز 65 ملغ/مل.
– الرضّع حديثو الولادة (من الولادة إلى عمر شهر): 16 ملغ فقط. تعادل ربع قرص 65 ملغ (بعد طحنه) أو 0.25 ملليلتر من المحلول السائل. هذه الفئة بالذات (أقل من شهر) يجب إعطاؤها الجرعة عند الضرورة القصوى فقط وبإشراف طبي إن أمكن، بسبب حساسيتهم العالية.
هذه الجرعات عادةً ما توفر الحماية لمدة يوم واحد تقريبًا، ويمكن تكرارها يوميًا بحسب مدة التعرض (مع تجنب تكرارها للرضّع الصغار والحوامل قدر الإمكان).
يجدر التشديد مرة أخرى: يجب عدم تجاوز الجرعة المحددة لكل فئة عمرية ظنًا بأن جرعة أعلى ستزيد الحماية. فالالتزام بالجرعات الموصى بها يحقق التشبّع المطلوب للغدة الدرقية بدون التسبب بآثار جانبية غير ضرورية.
وفي حال ضياع جرعة أو عدم أخذها في الوقت المثالي، لا تضاعف الجرعة التالية من تلقاء نفسك، بل التزم بالجداول والتوجيهات الرسمية. أي أسئلة حول الجرعات من الأفضل توجيهها للفرق الطبية أو الجهات الصحية أثناء حالة الطوارئ لضمان الاستخدام الآمن والفعال.
الآثار الجانبية أو التحذيرات الخاصة بالاستخدام
يُعدّ يوديد البوتاسيوم دواءً آمنًا عمومًا عند استخدامه بجرعاته الموصى بها ولفترات قصير. الكثير من الأشخاص تناولوه خلال حوادث نووية (مثل فوكوشيما) دون مشاكل صحية تُذكر.
ومع ذلك، وكحال أي مادة دوائية، قد تحدث بعض الآثار الجانبية لدى نسبة من المستخدمين، كما توجد تحذيرات لفئات معينة ينبغي أن تتوخى الحذر أو تتجنب تناول KI إلا بإشراف طبي.
الآثار الجانبية المحتملة (عادة طفيفة وعابرة)
– اضطرابات جلدية: يمكن أن يحدث طفح جلدي أو حكة لدى بعض الأشخاص نتيجة حساسية خفيفة.
– تورم الغدد: قد يحدث تورّم في الغدد اللعابية (تحت الفك مثلًا)، مما يسبب شعورًا بجفاف الفم أو الألم الخفيف عند المضغ.
– أعراض متعلقة بزيادة اليود (“تسمم اليود”):قد يشعر البعض بطعم معدني في الفم، أو حرقة في الحلق والفم، ألم في الأسنان أو اللثة، صداع أو أعراض زكام، وأحيانًا اضطراب في المعدة أو إسهال. تُعرف هذه الأعراض مجتمعةً باسم ظاهرة اليود الزائد أو “التسمم باليود” (iodism) وهي غير خطيرة عادة وتزول مع الوقت.
– تفاعل تحسسي شديد (نادر الحدوث):نسبة قليلة جدًا من الناس قد يكون لديهم حساسية مفرطة تجاه اليود. في هذه الحالة قد تظهر أعراض خطيرة مثل: الطفح الجلدي الشديد مع حمى وآلام في المفاصل، تورم في الوجه أو الشفتين أو اللسان أو الحلق أو اليدين والقدمين، صعوبة في التنفس أو البلع أو الكلام، وأزيز أو ضيق نفس شديد. هذه الأعراض تتطلب عناية طبية فورية، لأنها قد تدل على تأق (صدمة تحسسية) وهي حالة طارئة.
جدير بالذكر أن حدوث هذه الآثار الجانبية غير شائع عند أخذ الجرعة الصحيحة ليوم أو ليومين. الكثير قد لا يعاني من أي آثار مزعجة على الإطلاق. وإن حدثت، فغالبًا ما تكون الأعراض خفيفة كتغير عابر في الطعم أو انزعاج بسيط.
التحذيرات والفئات التي ينبغي أن تتوخى الحذر
– حساسية اليود: أي شخص لديه حساسية معروفة لليود يجب ألا يتناول يوديد البوتاسيوم. وتشمل حساسية اليود الشديدة من ظهرت لديه سابقًا أعراض تحسسية خطرة من مواد تحتوي على اليود (مثل بعض المطهرات أو وسائط الأشعة الظليلة المحتوية على اليود).
ويجدر التوضيح أن حساسية المأكولات البحرية (الأسماك أو المحار) لا تعني بالضرورة حساسية من اليود نفسهv، فغالبية من يتحسس من الأسماك يمكنهم تحمل اليوديد، لكن من باب الاحتياط يجب على من يعرف أن لديه تحسسًا لأي منتج غني باليود استشارة طبيب قبل تناول KI كذلك مرضى التهاب الجلد الحلئي الشكل أو التهاب الأوعية الناقص المتممة (وهما مرضان جلديان نادران مرتبطان بزيادة التحسس لليود) ينبغي ألا يأخذوا KI إلا بإذن طبي.
مرضى اضطرابات الغدة الدرقية: ينبغي على الأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض الغدة الدرقية المزمنة توخي الحذر واستشارة الطبيب قبل تناول يوديد البوتاسيوم. على سبيل المثال، مرضى فرط نشاط الغدة الدرقية (داء غريفز)، أو من لديهم تضخم عقيدي متعدد في الغدة الدرقية مع مرض قلبي، أو مرضى التهاب الدرقية المناعي (هاشيموتو) – هؤلاء قد يؤدي إعطاء اليود الإضافي لهم إلى اضطراب في وظيفة الغدة (إما تفاقم فرط النشاط أو حدوث قصور درقي). بشكل عام، جرعة أو جرعتان من KI في الطوارئ يمكن تحملها حتى لهؤلاء المرضى إذا دعت الضرورة القصوى، ولكن الاستعمال المطوّل لأيام متتالية هو ما قد يشكل خطرًا عليهم. لذا تُنصح هذه الفئات بأخذ الجرعة عند التوجيه الرسمي فقط، وتحت إشراف طبي إن أمكن، مع مراقبة لاحقة لوظائف الغدة.
– النساء الحوامل والمرضعات: هن فئة خاصة لأنهن يحتجن الجرعة لحماية أنفسهن وحماية الأجنة والرضع أيضًا. يُنصح الحوامل بتناول KI عند التوجيه بنفس جرعة البالغين (130 ملغ) لأن ذلك يوفّر اليود المستقر لجنينها أيضًا ويقيه من تراكم اليود المشع.
ولكن يجب تجنّب تكرار الجرعة للحامل قدر الإمكان، والاكتفاء بجرعة واحدة ما لم تقرر السلطات غير ذلك، مع إعطائها الأولوية في الإجلاء من المنطقة الملوثة. السبب أن الجرعات المتكررة قد تؤدي إلى كبح الغدة الدرقية للجنين قبل الولادة. وبالمثل، الأم المرضع تأخذ جرعة البالغ لحماية نفسها ورضيعها (حيث سيمر قسم من اليود إليها عبر الحليب).
ولكن إذا تم إعطاء المرضع جرعة يوديد البوتاسيوم، ينبغي عدم إعطاء رضيعها جرعة منفصلة من KI (لتفادي مضاعفة الجرعة على الطفل). وبعد انتهاء الحالة الطارئة، يجب متابعة الرضيع طبيًا للتأكد من سلامة وظائف غدته الدرقية.
– حديثو الولادة (أقل من شهر):هذه الفئة أكثر حساسية بشكل خاص. إذا وُجد خطر إشعاعي عالٍ يبرر إعطاءهم الجرعة الوقائية (16 ملغ)، يجب حتمًا متابعتهم لاحقًا من قبل طبيب أطفال للتأكد من أن الغدة الدرقية لا تزال تعمل بشكل طبيعي، لأن جرعة اليود قد تثبط نشاطها مؤقتًا. كما ذكرنا، لا تعطى جرعة ثانية للرضيع في هذا العمر إلا في ظروف قصوى جدًا وتحت إشراف طبي صارم.
– عدم إساءة الاستخدام: يوديد البوتاسيوم ليس مكملًا غذائيًا يوميًا ولا دواء يؤخذ لتحسين الصحة العامة أو للوقاية من أمراض أخرى. استخدامه مقتصر على حالات الطوارئ النووية، وتناوله دون سبب يعرض الشخص لاحتمال الآثار الجانبية بلا أي فائدة تُرجى.
كذلك، تناول جرعات كبيرة جدًا منه قد يكون خطيرًا للغاية ويسبب أعراض تسمم باليود حادة (مثل اضطرابات قلبية أو فشل كلوي أو خلل شديد في الغدة الدرقية). لذا يجب إبقاءه بعيدًا عن متناول الأطفال في الظروف العادية، وعدم استعماله إلا عند الحاجة الماسة ووفق الجرعات المقررة فقط
الفوائد الوقائية ليوديد البوتاسيوم تفوق بكثير مخاطره في سياق التعرض لليود المشع، خصوصًا عند الأطفال والشباب. معظم التحذيرات تتعلق بالاستخدام الخاطئ أو المتكرر طويل الأمد. أما استخدامه لمرة واحدة أو مرتين في ظرف طارئ فهو آمن جدًا لغالبية الناس، ويمثل إجراءً فعالًا يمكن أن ينقذ العديد من الأرواح بتقليل حالات السرطان الناجمة عن الإشعاع. المهم هو اتباع التعليمات بدقة، ومراعاة الحالات الخاصة كما أسلفنا، وفي حال الشك يُستحسن استشارة طبيب أو مختص بالصحة العامة إذا أتيحت الفرصة لذلك أثناء الطوارئ.