إسرائيل تحث واشنطن استكمال ضرباتها على إيران

الوصلة نيوز – قالت جهات إسرائيلية رسمية إن الرشقة الصاروخية الإيرانية قد امتازت عن سابقاتها من ناحية استخدام صاروخ متطور من طراز “خيبر”، وقد طالت عدة مواقع في منطقتي تل أبيب وحيفا الكبريين، وألحقت دمارًا واسعًا جدًا، وأدت إلى إصابة نحو ثلاثين من الإسرائيليين، معظم إصاباتهم طفيفة إلى متوسطة.
وأضافت الجهات الرسمية أن الرشقة الصاروخية، صباح اليوم الأحد، ضمت 30 صاروخًا، ودوّت صافرات الإنذار في كل البلاد، غير أن الصواريخ سبقت الصافرات في حيفا هذه المرة، مرجحة أن الصاروخ الذي تسبب بأضرار بالغة في حي كامل هو صاروخ إسرائيلي فشل في اعتراض الصاروخ الإيراني وسقط على المدينة فأدى لضرر فادح، للمرة الرابعة في حيفا، حيث توجد منطقة صناعية ومنشآت إستراتيجية تعرضت للاستهداف.
ونوهت الجبهة الداخلية في إسرائيل إلى أن الرشقة الصاروخية الإيرانية كانت عنيفة ودقيقة، لكن احترام المواطنين للتعليمات والبقاء داخل الملاجئ والغرف الآمنة قد حفظ حياة الكثيرين، حتى أولئك القاطنين في عمارات وأبراج تهاوت، لكن الملاجئ المحصنة لم تتهدم.
فرح إسرائيلي بالانضمام الأمريكي
ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن مصادر في المؤسسة الأمنية قولها إن إسرائيل لوحدها لا تستطيع تدمير منشأة فوردو في إيران، وأنها كانت تعلم مسبقًا، ومنذ فترة طويلة أن الرئيس ترامب سيقوم بالهجمة، التي جاءت صباح الأحد. وليس صدفة أن الإدارة الأمريكية فضلت أن تتم الهجمة فيما البورصة الأمريكية في عطلة، تحاشيًا لصورة تراجع في الأسواق والاستثمارات المالية.
كما نقلت الإذاعة عن هذه المصادر قولها إن إسرائيل أنهت بنك الأهداف في إيران، خاصة المنشآت النووية، وأنها كانت تنتظر تدخل الولايات المتحدة، صاحبة القدرة الوحيدة عسكريًا على تدمير المنشأة النووية داخل باطن الأرض في فوردو.
ومثل هذا التعويل من قبل إسرائيل على مساعدة خارجية في خضم حرب ليس جديدًا، فسبق أن طلبت مثل هذه المساعدات في حروب سابقة، أبرزها حرب 1973، وهو أمر مناف للعقيدة الأمنية الإسرائيلية التقليدية منذ أن حددها دافيد بن غوريون عام 1948.
خيار براغماتي
في المقابل، قال مصدر إيراني رفيع إنه تم تفريغ محتويات هذه المنشآت النووية مسبقًا قبل استهدافها الليلة، فيما قالت جهات إيرانية إن معظم اليورانيوم المخصب موجود في مواقع آمنة.
من جهته، قال بيان للخارجية الإيرانية إن إيران تحتفظ لنفسها بحق الرد على العدوان الأمريكي، واتهم واشنطن بفتح حرب خلال مسيرة مفاوضات. وأضاف البيان أن إيران تتوجه إلى المؤسسات الدولية، معتبرة أن الصمت مقابل العدوان الفظ يعرض العالم لخطر متواصل وغير مسبوق.
وأشار وزير الخارجية عباس عراقجي إلى أن الولايات المتحدة انتهكت بشكل خطير الميثاق الدولي لمنع انتشار السلاح النووي، وعاد وكرر أن منشآت إيران معدة لاحتياجات سلمية.
من جهتها، قالت الإذاعة الإيرانية مهددة إن كل مواطن أمريكي من اليوم فصاعدًا سيصبح هدفًا شرعيًا، وهذا ما هدد به الحوثيون من اليمن بقولهم إن الرد على الولايات المتحدة هو مسألة وقت.
ورغم توجيه إصبع الاتهام للولايات المتحدة، يلتزم عراقجي بلغة غير قاطعة، ويبدو أن ذلك ينسجم مع موقف محتمل جدًا لبلاده بالبحث عن رد قاسٍ على إسرائيل يحفظ لها ماء وجهها وهيبتها ومكانتها، دون الصدام المباشر مع التمساح الأمريكي، خاصة أن كمية الصواريخ المتوفرة لديها ربما لا تسمح بحرب استنزاف طويلة.
ولا يقل أهمية في حسابات وسلوك إيران الآن الفهم بأن سلامة واستمرارية النظام هي الأهم، لا سيما أن توسعة المواجهة لحرب مفتوحة من شأنها أن تهدد المشروع النووي الإيراني بكل الأحوال، سواء أُصيبت المواقع والمنشآت النووية بشكل بالغ أو بصورة غير جوهرية، لأن الاحتفاظ بكمية اليورانيوم المخصب يعطيها فرصة للاحتفاظ بإمكانية تحقيق حلمها التاريخي بحيازة طاقة نووية.
وهذا ما تحذر منه أوساط إسرائيلية تقول منذ عدة أيام إنه لا يمكن انتزاع القدرات النووية من إيران، حتى لو تم تدمير كامل للمنشآت في فوردو وأصفهان ونطنز وغيرها. ويرى رئيس الحكومة ووزير الأمن وقائد الجيش الأسبق إيهود باراك أن الطريق الوحيدة للحيلولة دون إيران نووية هو إسقاط النظام.
ورغم عدم وضوح مصير المشروع النووي الإيراني، وكذلك مصير النظام الحاكم في إيران، فإن رئيس حكومة الاحتلال سارع للاحتفال بالضربة الأمريكية، مشيرًا – كما هو متوقع – لدوره الشخصي التاريخي في التحذير من إيران والسعي لتعطيل مشروعها النووي، ولا يخلو حديثه من محاولة لتسجيل النقاط السياسية، خاصة أنه يكابد تدهورًا في مكانته وشعبيته منذ السابع من أكتوبر، بقوله: “وعدت وأوفيت”.
ويدعو مدير هيئة الأمن القومي الإسرائيلي السابق، العالم النووي الجنرال في الاحتياط يعقوب ناغل، لمواصلة الرقابة على إيران كي لا تواصل مساعيها لحيازة سلاح نووي. وفي حديث للإذاعة العبرية العامة، قال ناغل إن من الصعب جدًا أن تندفع إيران نحو سلاح نووي بعد الضربات الأمريكية الليلة، وبعد اغتيال علماء نوويين إيرانيين، فالعودة للمشروع النووي لن تتم خلال خمس دقائق، وتابع: “مع ذلك لا بد من الاستمرار في إبقاء العيون على إيران مفتوحة”.
إجماع صهيوني
وتشهد إسرائيل إجماعًا صهيونيًا واسعًا من ناحية الائتلاف والمعارضة على الضربة الأمريكية، والإشادة بها، والتعبير عن ارتياح كبير من تراجع التهديد الإيراني عليها. وشكر رئيس حكومتها نتنياهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الهجوم في إيران الذي استهدف ثلاث منشآت نووية، وقال: “نقول كثيرًا: السلام من خلال القوة. أولًا تأتي القوة، ثم يأتي السلام. الليلة، الرئيس ترامب والولايات المتحدة استخدما كل قوتهما”.
وأضاف نتنياهو: “قرارك الجريء بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية بالقوة الهائلة للولايات المتحدة سيغير مجرى التاريخ. في عملية “الأسد الصاعد”، قامت إسرائيل بأمور مذهلة بحق. العملية الليلة كانت غير مسبوقة. لقد قامت الولايات المتحدة بما لا تستطيع أي دولة أخرى في العالم فعله”.
وزعم: “سيتذكر التاريخ أن الرئيس ترامب تحرك لإسقاط أخطر نظام في العالم، وتدمير أخطر سلاح في العالم. قيادته شكلت نقطة تحول في التاريخ يمكن أن تقود الشرق الأوسط والعالم إلى مستقبل من الازدهار والسلام”.
وأشار نتنياهو إلى أنه “فور انتهاء العملية، اتصل بي الرئيس ترامب. كانت مكالمة دافئة جدًا، ومؤثرة جدًا. لقد هنأني، وهنأ جيشنا، وهنأ شعبنا. وأنا بدوري هنأته، وهنأت طياري الولايات المتحدة والشعب الأمريكي”.
واجتمع قادة الائتلاف والمعارضة في إسرائيل متمنين على واشنطن استكمال ضرباتها في إيران لمنع دخولها في حرب استنزاف.
وكرر وزير الحرب يسرائيل كاتس تباهيه، فقال هو الآخر إنه يبارك للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قراره التاريخي بتدمير ثلاثة مواقع نووية في إيران، من أجل مواصلة العملية الإسرائيلية، والتأكد من أن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا كان سيشكّل خطرًا على إسرائيل، ودول المنطقة، والمصلحة الأمنية القومية للولايات المتحدة نفسها.
كما بارك لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي قاد عملية “الأسد الصاعد” و”النضال” ضد البرنامج النووي الإيراني، وعزّز العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، على هذا الإنجاز الكبير والتاريخي، وفقًا لتعبيره.